عقد إيجار العقار أيًا كان نوعه هو الوثيقة القانونية الأولى والأهم التي تحدد الحقوق والواجبات لكل طرف من أطراف التعاقد. فهو ليس مجرد اتفاق مُسجل على ورق. الهدف منه الحصوص على شقق للايجار في مسقط أو فلل للايجار أو غير ذلك. بل هو مستند رسمي يعد المرجع الوحيد لمعرفة التزامات كل طرف، والحكم لصالحه أو ضده عند نشوب النزاعات مع الطرف الآخر.
بالتأسيس على ذلك خُصصت مباحث قانونية أكاديمية في أهمية عقد الإيجار ودروة المجتمعي وآلية كتابته وشروط استيفاءه للصبغة الرسمية. إلى آخر هذه المفاهيم القانونية الأساسية في كل عقود ايجار بكل بلاد الدنيا. والفرعية المُصاغة خصيصًا وفق التشريعات العقارية المقررة في كل دولة على حدة.
نموذج عقد ايجار قانوني
عقد ايجار العقار، شقق ايجار أو محلًا تجاريًا أو مقرًا إداريًا، هو صيغة لغوية بمقتضاها يسمح الطرف الأول. وهو مالك العقار، للطرف الثاني، وهو مستأجر العقار. يسمح له باستغلال عقاره لمدة زمنية معينة، باشتراطات محددة.
من هنا تأتي الأهمية الاعتبارية للصياغة، حيث تحدد القوانين والتشريعات الخاصة بكل بلد الشكل والمضمون الذين يجب استيفاءهما في عقد إيجار العقار المُبرم بين الطرفين. ويُعد الحيد عن تلك المحددات القانونية أو محاولة تغييرها أو التلاعب في اكتمالها من الأعمال التي تلغي الصفة الرسمية عن عقد الإيجار لعدم مطابقته للقوانين المعمول بها أمام المحاكم المختصة.
من تلك الأهمية البالغة لصياغة عقد إيجار العقار والتي قد تصل إلى ضياع الحقوق والواجبات نهائيًا. والحكم ببطلان العقد من الأساس وعدم الاعتراف ببنوده. فإن صياغة عقود الايجار لابد أن تنطبق عليها شروط:
الوضوح والمباشرة
فالألفاظ الغريبة، والتعبيرات اللغوية التي تحتمل أكثر من معنى، كلها من المُشتتات البلاغية التي تخرج عن السياق القانوني المحكم الذي يحدده القانون. ولذلك يتوجب عند كتابة عقد إيجار أو تجديد عقد الإيجار الالتزام الكامل بالصراحة. والمباشرة في صياغة العبارات لتعبر عن مفهوم واحد فقط لا يقبل الالتباس أو التفسيرات المتعددة.
تطابق الشكل مع محددات قانون الدولة
شكل عقد الإيجار من حيث التتابع وبناء البنود والشروط على بعضها البعض أحد أهم المباحث العلمية في مواد القانون التي تدرس لطلاب كليات الحقوق في أي دولة من دول العالم.
فالعشوائية هنا في عناوين عقد الإيجار الرئيسية والفرعية، أو كتابة بنود تعاقدية أساسية وإهمال أخرى أساسية أيضًا. كلها مما تعتبره المحاكم المختصة إخلالًا بالواجب. كما أنه قد تحكم ببطلان العقد.
توثيق عقود الايجار
تختلف هذه الصفة من دولة لأخرى بحسب ما يحدده قانون الدولة الذي يحكم أطراف التعاقد. فهناك دول تعترف بالعقود العرفية، مثل مصر، فطالما وقع الطرفين على صيغة تعاقدية متفق عليها، أصبحت هذه الشروط مُلزمة لهما.
وإلا تعرض المُخل ببنود العقد للعقوبة القانونية. في حين أن دولًا أخرى لا تعترف بالعقود العرفية. وتشترط لاعتماد عقد إيجار كمستند رسمي تأخذ به المحاكم المختصة أن يكون مسجلًا لدى هيئات التسجيل العقاري الرسمية.
البنود الأساسية في عقد الإيجار الرسمي
ذكرنا أن لكل بلد قانونها الذي يفرض على كل عقد إيجار الشكل والموضوعات التعاقدية كي يصير رسميًا معترف به.
ولكن مع اختلاف ذلك بين دول العالم، إلا أنه توجد بنود أساسية ينبغي تضمينها في عقد إيجار العقار أيًا كانت جنسية وبلد العقار وأطراف التعاقد عليه، هي:
العنوان والتاريخ
كل عقد إيجار عقاري لابد وأن يُعنون بالعنوان المناسب المُعبر عن فحواه. وبالنسبة لعمليات ايجار العقارات فيكفيها عنوان: عقد إيجار عقار.
ثم يأتي الوصف لماهية ونوع العقار في سياق البنود التالية، وبذلك يفهم القارئ أننا بصدد حديث عن اتفاق بين طرفين على تأجير عقار من نوع ما، وليس عقد ايجار سيارة مثلًا.
كما أن تاريخ كتابة العقد عنصر أساسي من عناصر حفظ الحقوق والواجبات المترتبة على التعاقد حال النزاع عليها. ولا يعترف بأي مستند تعاقدي عديم التأريخ، وعلى هذا الأساس يتبع العنوان مباشرة بعبارة: إنه في يوم… الموافق…/…/… حُرر هذا العقد بين كلًا من…
البيانات الشخصية لطرفيّ العقد
قبل الإتيان على ذكر تفاصيل البيانات الشخصية لأطراف أي عقد إيجار عقاري. لابد من الإشارة إلى أن قوانين الدول المختلفة لا تعترف بالعقود إلا بين طرفين مالكين لصفة الأهلية أمام القانون.
وبخاصة بلوغ السن الرسمية المحددة لمسئولية صاحبها عن نفسه أمام القانون. وبالتالي يعتبر العقد لاغيًا أو باطلًا في حالة كان أحد الطرفين قاصرًا.
أما بالنسبة للبيانات؛ فيتوجب تصنيف الأطراف إلى طرف أول، وهو عادةً مالك الوحدة محل التعاقد، وطرف ثانٍ. وهو الراغب في الاستئجار، ويذكر من واقع بطاقة الهوية الرسمية لكل منهما ما يلي:
- الاسم رباعي. ويتبع باسم الشهرة إن وجد.
- رقم البطاقة أو الهوية الشخصية، ويسمح باستعمال رقم جواز السفر.
- محل الإقامة كاملًا: المحافظة، المدينة، الحي، الشارع الرئيسي. الشوارع والحارات الفرعية إن وجدت، رقم العقار، رقم شقة الإقامة.
الإقرار بالأهلية للتعاقد وتحديد قانون التعاقد
حيث ينص صراحةً على أهلية الطرفين للتعاقد باعتبارهما أفراد بالغين مسئولين عن تصرفاتهم. أو باعتبارهم جهات اعتبارية ذات صفة قانونية معتبرة. وهي الحالة التي يكون فيها أحد الطرفين أو كلاهما مؤسسة أو هيئة.
ويعقب الإقرار بالأهلية تحديد مادة/مواد القانون القائم عليها عقد الإيجار من خلال ذكر رقم وسنة إصدار القانون الساري المقرر من الجهات التشريعية بالدولة لإبرام مثل هذه العقود.
وكذلك ذكر أرقام وسنوات تعديلاته إن وجدت. كأن يُكتب مثلًا: وفقًا لأحكام القانون رقم (..) لسنة (..)
ويعقب ذلك مباشرة ذكر بنود وشروط التعاقد التي اتفق عليها ويجري تدوينها. وذلك بتسلسل منطقي مطابق لأحكام القانون المذكور.
بيانات العين المؤجرة
في هذا البند تكتب كل البيانات الرسمية للعقار محل الإيجار ومنها:
- العنوان الرسمي بالكامل.
- المساحة بالمتر المربع، مع ذكر التفصيلات الهندسية كمساحات المناور وخلافه.
- الحدود من الاتجاهات الأربعة للعقار.
- المواصفات الداخلية.
- المحتويات والأغراض إن كانت العين ستؤجر مفروشة.
مدة الإيجار
عقب الوصف الدقيق للعين ينص صراحة وبوضوح على مدة العقد بين الطرفين بذكر عدد السنوات وكذلك ذكر تاريخ بداية المدة، وتاريخ نهايتها.
كما يجدر النص بعبارات واضحة ومباشرة عن المتوجب لتجديد المدة وفق المتفق عليه. كأن ينص على التجديد بمعرفة الطرفين، أو بالسكوت وعدم إخطار المستأجر بإفراغ العين قبل انتهاء المدة بوقت كذا.
قيمة الإيجار ومبلغ التأمين
تحت هذا البند تحدد القيمة الإيجارية الشهرية للعقار، وهي المبلغ المتوجب على المستأجر تسديده للمالك كل شهر. وحبذا النص على ميعاد الدفع من كل شهر.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن عقد إيجار العقار الأصح قانونًا هو المكتوب فيه قيمة الإيجار بالأرقام وبالحروف أيضًا. مثلًا: 2000 جنية (ألفان جنية)، لمنع التلاعب.
كما يُقر في البند مبلغ التأمين المدفوع من المستأجر، مع النص على آلية استرداده مستقبلًا. حيث يقر في بعض عقود إيجار على اعتبار مبلغ التأمين.
والذي عادةً ما يكون قيمة شهر أو شهرين من الإيجار المتفق عليه، اعتباره مبلغ الإيجار لآخر الشهور في مدة العقد. وهناك عقد إيجار يقر برد المبلغ نقدًا عقب انتهاء المدة.
محددات فسخ التعاقد تلقائيًا
يختص هذا البند بذكر أفعال المستأجر التي بمقتضاها يعتبر عقد إيجار بينه وبين المالك لاغي. منها مثلًا استغلال العين في غير الغرض المؤجرة له، كأن يحولها إلى نشاط تجاري.
في حين أن الاتفاق بغرض السكن، أو مثلًا الإضرار بها باستغلالها في أعمال مشبوهة أو بأجراء تعديلات إنشائية وأعمال هدم وبناء داخلية بدون الاتفاق مع المالك. وكذلك في حالة تأخير دفع الإيجار لعدد محدد من الشهور…
المحكمة المختصة
كما أنه من الملزم تحديد اسم المحكمة المختصة بفض أي نزاع أو تأويل مغاير بين الطرفين.